دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

تتمة البحث السابق

إن الحكم الأول شرّع للتحفظ عن الوقوع في الفاحشة مرة أخرى والحكم الثاني شرّع للتأديب على الجريمة الأولى، وصوناً لباقي النساء عن ارتكاب مثلها فلا تنافي بين الحكمين لينسخ الأول بالثاني. نعم إذا ماتت المرأة بالرجم أو الجلد ارتفع وجوب الإمساك في البيت لحصول غايته، وفيما سوى فالحكم باق ما لم يجعل الله لها سبيلاً. وجملة القول: إن المتأمل في معنى الآية لا يجد فيها ما يوهم النسخ، سواء في ذلك تأخر آية الجلد عنها وتقدمها عليها. وأما القول بالنسخ في الآية الثانية فهو أيضاً يتوقف: أولاً: على أن يراد من الضمير في قوله تعالى: يأتيانها الزنا. ثانياً: على أن يراد بالإيذاء الشتم والسب والتعيير ونحو ذلك، وكلا هذين الأمرين- مع أنه لا دليل – مناف لظهور الآية. وبيان ذلك: أن ضمير الجمع المخاطب قد ذكر في الآيتين ثلاث مرات، ولا ريب أن المراد بالثالث منها هو المراد بالأولين. ومن البين أن المراد بهما خصوص الرجال، وعلى هذا فيكون المراد من الموصول رجلين من الرجال، ولا يراد منه ما يعمّ رجلاً وامرأة، على أن تثنية الضمير لو لم يرد منه الرجلان فليس لها وجه صحيح، وفي هذا دلالة قوية على أن المراد من الفاحشة في الآية الثانية هو خصوص اللّواط لا دلالة قوية على أن المراد من الفاحشة في الآية الثانية هو خصوص اللّواط لا خصوص الزّنا، ولا ما هو أعم منه ومن اللّواط وإذا تمّ ذلك كان موضوع الآية أجنبياً عن موضوع آية الجلد. وإذا سلمنا دخول الزاني في موضوع الحكم في الآية، فلا دليل على إرادة نوع خاص من الإيذاء الذي أُمر به في الآية، عدا ما روُي عن ابن عباس أنه التعيير وضرب النعال، وهو ليس بحجة ليثبت به النسخ، فالظاهر حمل اللفظ على ظاهره، ثم تقييده بآية الجلد، أو بحكم الرجم الذي ثبت بالسنّة القطعية. وجملة القول: أنه لا موجب للالتزام بالنسخ في الآيتين، غير التقليد المحض، أو الإعتماد على أخبار الآحاد التي لا تفيد علماً ولا عملاً.