دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

تتمة البحث السابق

*وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ*

فقد قيل إنها منسوخة بما دلّ من السنة على تحريم غير من ذكر في الآية من النساء، وثبوت هذه الدعوى موقوف على أن يكون الخاص المتأخر ناسخاً للعام المتقدم لا مخصصاً. والحق: ان الخاص يكون مخصصاً للعام تقدم عليه أو تأخر عنه، ولا يكون ناسخاً له، ولاجل ذلك يكتفى بخبر الواحد الجامع لشرائط الحجية في تخصيص العام- على ما سيجيء من جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد- ولو كان الخاص المتأخر ناسخاً لم يصح ذلك،لأن النسخ لا يثبت بخبر الواحد، أضف إلى ذلك أن الآية ليس لها عموم لفظي، وإنما هو ثابت بالإطلاق، ومقدمات الحكمة، فإذا ورد من الأدلة ما يصلح لتقييدها حكم بأن الإطلاق فيها غير مراد في الواقع.

*فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً*

فقد اشتهر بين علماء أهل السنّة أن حليّة المتعة قد نسخت، وثبت تحريمها إلى يوم القيامة، وقد أجمعت الشيعة الإمامية على بقاء حليّة المتعة وأن الآية المباركة لم تنسخ، ووافقهم على ذلك جماعة من الصحابة والتابعين. قال ابن حزم: ثبت على إباحتها (المتعة) بعد رسول الله (ص) ابن مسعود، ومعاوية، وأبو سعيد، وابن عباس، وسلمة ومعبد، ابنا أمية بن خلف، وجابر، وعمرو بن حريث، ورواه جابر عن جميع الصحابة- مدة رسول الله (ص) وأبي بكر وعمر إلى قرب آخر خلافة عمر (ثم قال) ومن التابعين طاووس، وسعيد بن جبير، وعطاء وسائر فقهاء مكة. ونسب شيخ الإسلام المرغيناني القول بجواز المتعة إلى مالك، مستدلاً عليه بقوله: لأنه- نكاح المتعة- كان مباحاً فيبقى إلى أن يظهر ناسخة. ونسب ابن كثير جوازها إلى احمد بن حنبل عند الضرورة و في رواية قد تزوج ابن جريح أحد الأعلام وفقيه مكة في زمنه سبعين امرأة بنكاح المتعة وسنتعرض إن شاء الله تعالى للبحث في هذا الموضوع عند تفسيرنا الآية الكريمة ولكنا نتعرض هنا تعرضاً إجمالياً لإثبات أن مدلول الآية المباركة لم يرد عليه ناسخ. وبيان ذلك: أن نسخ الحكم المذكور فيها يتوقف. أولاً: على أن المراد من الاستمتاع في الآية هو التمتع بالنساء بنكاح المتعة. ثانياً: على ثبوت تحريم نكاح المتعة بعد ذلك.

تتمة البحث في العدد القادم