دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

من يضاهيك يا علي (ع)؟

ما أحوج الأمة الإسلامية اليوم إلي درس مثل هذه الشخصية العظيمة التي خدمت الاسلام والمسلمين خدمات جليلة يحمدها الله تعالي في كتابه، ويشكرها الرسول الكريم في سنّته، ويرتل المسلمون آلاءها معجبين مكبرين. إننا بأشد الحاجة إلي التعرف علي شخصية الامام الفذة لتضيء لنا السبيل، وتهدينا الصراط المستقيم الذي عبّده النبي (ص) وسار عليه الوصي (ص). إن الأمة في العصر الحاضر قد بعدت كثيراً عن المثل الاسلامية العليا لذلك قد وصلت إلي ما نري من تفريق الكلمة، وتشتيت الشمل، واختلاف الأفئدة، ولا يصلحها اليوم إلّا ما أصلحها بالأمس فهي حرية بأن تفحص عن الداء لتستعمل له الدواء الذي يرجع سقمها إلي صحة، وضعفها إلي قوة، وتشتيتها إلي اجتماع، واختلافها إلي اتفاق تتعارف فيه النفوس، وتتصافح فيه الأيدي. ومما لا ريب فيه ان دراسة الصفوة من صحابة النبي (ص) ترجع بالأمة إلي ما تريد من تعاليم حقة، ومثل عليا، وتأريخ صحيح يرشدها إلي ما فيه الخير والصلاح في الدارين. كان أصحاب الرسول (ص)علي جانب عظيم من الايمان والصلاح، والورع والزهد، والعلم والحلم، والكرم والشهامة، والقناعة والبسالة والعفة، والأدب والحكمة، والجهاد في سبيل الله والتضحية، إلي غير ما هنالك من صفات وخلال كانت تبدو فيهم واضحة أشد الوضوح، وإذا كانت هذه الصفات متفرقة في صحابة النبي(ص) فقد كانت مجتمعة في شخص الوصي (ص) فما كان في الصحابة الأبرار صفة من صفات الكمال إلّا كان في ذات عليّ نوعها، وعلي أتم وأفضل صورها، أضف إلي ذلك كثيراً من الخلال والمميزات التي اختص فيها الامام وامتاز بها علي غيره، فقد كان الرسول(ص)- وهو أعرف الناس به وبأصحابه- يري علياً أخاه يختص بسبع يخصم بها، ولا يحاجّه فيها أحد، فقد قال له كما يروي ذلك عمر بن الخطاب وابن عباس وغيرهما من الأصحاب «يا عليّ أخصمك بالنبوة ولا نبوّة بعدي، وتخصم بسبع، ولا يحاجّك فيها أحد من قريش، أنت أولهم إيماناً بالله، وأوفاهم بعهد الله، وأقومهم بأمر الله، وأقسمهم بالسويّة، وأعدلهم في الرعيّة، وأبصرهم بالقضية، وأعظمهم عند الله مزية(1) » فدراسة الوصي إذن دراسة للصفات الفاضلة، والمزايا المائلة، والرجولة الكاملة، فقد أودع الله فيه من الصفات والمزايا ما تفرق في الناس كافة، فأنشأه بقدرته خلقاً سوياً، وصوّره للناس فكان (علياً).

1- منتخب كنز العمال ص34 وفي من ذخائر العقبي لشيخ الشافعية العلامة محب الدين الطبري ص 83.