دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

وهبّ نسيم الكرامة

في الثالث في شهر شعبان السنة الرابعة للهجرة النبوية ولد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) صاحب القلب الكبير،الذي استوعب الكلّ، القريب والبعيد، والعدو والصديق، ذوالروح العالية التي سمت فوق أرواح ذوي الأرواح، يحمل نفساً صافية أصفى من الماء، خالية من كلّ شائبة، بعيدةً كلّ البعد عن معاني الأنانية والحقد، ولم يحمل بين طيّاتها البغض والعداء لأي مخلوق مهما بلغ به ايذاؤه إياه وعداؤه له، فهو ابن من بعث رحمةً للعالمين، وهو فرع من عفوه وسماحته، فجدّه حينما كانت تعرض عليه الملائكة صبّ العذاب على القوم الذين آذوه وضربوه بالحجارة حتى أدموه كان يجيب: إنما بعثتُ رحمة للعالمين، ثم يرفع طرفه إلى السماء داعياً الله سبحانه وتعالى: «اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون»، وهو ابن الصابر على قوم غصبوا حقه وهجموا على باب دراه وكسروا ضلع حليلته بضعة المصطفى(ص)، ولم ينتقم، بل ولم يفكر في الانتقام لنفسه، من أجل أن يحافظ على بيضة الإسلام ووحدة المسلمين، لحقن الدماء والحفاظ على المبادئ والقيم في ضمير الإنسانية ووجدان التاريخ البشري. فالإمام الحسين(ع) يسير على خُطى جده وأبيه وينتهج المنهاج نفسه؛ فأذا كان كذلك، فهو يعبّر بكل خطوة يخطوها عن سنّتهما وسيرتهما في كلّ تصرّف من قول أو فعل أو حركة أو سكون. وبالنتيجة يكون رمز الإنسانية الحقيقيّ والمدافع الأوحد عن حقوق الإنسان الضائعة بين بطش الجبابرة واحتيال الدجالين الذين يحرفون الكلم عن مواضعه.