دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

إنّ المسجد الحرام هو حرم الله الآمن، لا يقتلون فيه الكافر، وهو محلّ آمن للوحوش والطيور والحيوانات الأخرى، والصيد فيه الحرام ومسكُهُنّ فيه حرام أيضاً، والأشجار فيه في أمان وكذا النباتات والحشائش بل وحتى جذورها! خلاصة القول: إنّ حرم الله آمن للوحوش والكفار وجميع الخلائق، إلّا أنّه لم يكن آمنا لهذا المظلوم، من هنا لك أن تتأمّل في أسرار أعمال هذا الإمام المعصوم، فبعد أن علم بكيد الكائدين أبدل الحج إلى العمرة، وبينما شد الناس رحالهم متوجّهين إلى جبل عرفات، شدّ هو رحاله متوجها إلى كربلا أرض المصائب والبلاء. إلتفت الإمام الحسين(ع) إلى ابن عبّاس فقال له: ما تقول في قوم أخرجوا ابن نبيهم من وطنه وداره وقراره وحرم جدّه، وتركوه خائفاً مرعوباً لا يستقرُ في قراره يأوي إلى جوار، يريدون بذلك قتله وسفك دمائه، لم يشرك بالله شيئاً. قال له ابن عباس: جعلت فداءك يا حسين إن كان لابدّ من السير إلى الكوفة فلا تسر باهلك ونسائك. فقال: ياابن العم، إنّي رأيت رسول بالله(ص) في منامي وقد أمر بأمر لا أقدر خلافه، وإنّه أمرني بأخذهم معي. وقال: يا ابن العم إنهنّ ودائع رسول الله(ص) ولا آمن عليهنّ أحداً، وهنّ أيضاً لا يفارقني، فسمع ابن عباس بكاءً من ورائه، فإذا بها زينب بنت علي(ع) تنهره تقول له: يا ابن عباس تشير على شيخنا وسيدنا أن يخلّفنا ها هنا ويمضي وحده!؟ لا والله بل نحيا معه ونموت معه، وهل أبقى الزمان لنا غيره؟ فبكى ابن عباس بكاءً شديد وجعل يقول: يعزّ والله على فراقك يا ابن العم.