دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

ولد الإمام علي بن موسى الرضا(ع) في المدينة المنورة يوم الخميس وقيل يوم الجمعة الحادي عشر من شهر ذي القعدة الحرام من سنة ثمان وأربعين ومائة للهجرة النبوية الشريفة. وعاش الإمام الرضا(ع) أربعاً وخمسين سنة وأشهراً على المشهور وعلى ما هو مشهوراً أيضاً فإنه(ع) ولد في السنة التي استشهد فيها جده الإمام الصادق (ع) وعاش (ع) مع أبيه الإمام موسى بن جعفر (ع) ما يقرب من أربعة وثلاثين سنة، وكانت مدة إمامته وخلافته بعد أبيه ما يقرب من عشرين سنة. والإمام الرضا (ع) ثامن الأئمة الإثنى عشر الذين لا تخلو الارض من حجة لله تعالى على الناس بهم. بلغ (ع) عند الناس من الرفعة والمكانة العظيمة شأنا بعيداً، ومن الإقرار بعلمه ما أذهل القاصي والدّاني في عصر احتدم فيه النقاش حول حق الإمام (ع) في تولّى الخلافة، وشهد انفتاحاً واسعاً على الثّقافات التي أتت بها الامم والأقوام الوافدة إلى الإسلام إثر الفتوحات. أو تلك التي احتّك بها المسلمون في أثناء أسفارهم وتجاراتهم. وقد شهد هذا العصر فورة كبيرة في تعريب مؤلّفات تلك الأمم الفكرية والعلمية. لم يدع الإمام الرضا (ع) باباً من أبواب المعرفة إلّا وطرقه، كما تطرّق إلى مشكلات عصرخ الفكرية، وحاج الآخرين باللغات الشائعة آنذاك، وبقوة الفكر وسعة معرفته في شتى ألوان العلوم والفنون، فكان لا يكلّمه خضم من اليهود والنّصارى والمجوس والصّابئين والبراهمة والملحدين والدّهرية، ولا خضم من فرق المسلمين المخالفين إلّا قطعة وألزمه الحجّة، وكان النّاس يقولون: والله إنّه أولى بالخلافة من المأمون.

كما ودّع الطفل درّ الحنان                   برغم عواطفه يُفطم

كما ودّعت زهرة حقلها                      ففاض الشذوارتمي البرعم

كما ودّعت رعشات الضحى                 بلابل باتت به تحلم

كما ودّع الحُلم المشتهى                   شباب إلى الشيب يستسلم

كما ودّع القلب دار الحبيب                فارخت عيون وشاط الدم

مثلتُ أودّع قبر الرضا وقد                    شفّ لي سرّه المبهم

ونور الإمامة حول الضريح                     غمّر بفيض الهدى مرزم

فجلت كانّي ببيت الإله                     وكعبته الجدت الأعظم

تجول الورى حوله مثلما                      يجول بأشواطه المخرم

وتضرع أنفسهم بالدعاء                      إلى مصدر الخير تسترحم

سيول تدافع من مثلها                        فهذى تمسّ وذي تهجم

وتلك نقبّل في لهفة                          فينبض قلب ويضرى فم

وفي مكّة حجر واحد                          يسابق باللثم إذ يرحم

ولكن هنا في ضريح الإما                     م أحجاره كلّها تُلثم