دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

تتمة البحث السابق

*يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ* وقد ذهبت الشيعة الإمامية إلى الآية محكمة، فتجوز شهادة أهل الكتاب على المسلمين في السفر إذا كانت الشهادة على الوصية، وإليه ذهب جمع من الصحابة والتابعين، منهم: عبدالله بن قيس، وابن عباس، وشريح،وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير، وعبيدة، ومحمد بن سيرين، والشعبي، ويحيى بن يعمر، والسدي وقال به من الفقهاء: سفيان الثوري ومال إليه أبو عبيد لكثرة من قال به، وذهب زيد بن أسلم،ومالك بن أنس، والشافعي، وأبو حنيفة: إلى أن الآية منسوخة، وأنه لا تجوز شهادة كافر بحال. والتحقيق بطلان القول بالنسخ في الآية المباركة، والدليل على ذلك وجوه: 1- الروايات المستفيضة من الطريقين الدالة على نفوذ شهادة أهل الكتاب في الوصية، إذا تعذرت شهادة المسلم، فمن هذه الروايات: ما رواه الكليني، عنهشام بن الحكم، عن أبي عبدالله(ع): (في قوله الله تعالى: *أو آخران من غيركم* قال: إذا كان الرجل في أرض غربة، لايوجد فيها مسلم جازت شهادة من ليس بمسلم على الوصية). وما رواه الشعبي: أن رجلاً من المسلمين حضرته الوفاة بـ (دقوقا) هذه، ولم يجد أحداً من المسلمين يشهده على وصيته، فأشهد رجلين من أهل الكتاب، فقدما الكوفة فأتيا الاشعري- يعني أباموسى- فأخبراه، وقدّما بتركته ووصيته، فقال الأشعري: هذا أمر لم يكن بعد الذي في عهد رسول الله(ص) فأحلفهما بعد العصر ما خانا، ولا كذبا، ولا بدلا،ولا كتما، ولا غيّرا، وانها لوصية الرجل وتركته، فأمضى شهادتهما. 2- الروايات المتقدمة في أن سورة المائدة نزلت جملة واحدة، وانها كانت آخر ما نزل، وليس فيها منسوخ. 3- إن النسخ لا يتم من غير أن يدل عليه دليل، والوجوه التي تمسك بها القائلون بالنسخ لا تصلح لذلك. فمن هذه الوجوه: أن الله سبحانه اعتبر في المشاهد أن يكون عدلاً مرضياً، فقال تعالى: *مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ* *وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ* والكافر لا يكون عدلاً ولا مرضياً، فلا بد وأن يكون الحكم بجواز شهادته منسوخاً. والجواب: أولاً: إن الآية الأولى وردت في الشهادة على الدّين، والآية الثانية وردت في الشهادة على الطّلاق، فلا يكون لهما دلالة على اعتبار العدالة في شهود الوصية.

تتمة البحث في العدد القادم