دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

تتمة البحث السابق

فالمرأة إذا ما قامت بعمل حسن، كان نفعه وربحه لحساب الولي، والثناء يعود إليه، وإذا جاءت بعمل قبيح غير مرغوب فيه، كانت هي وحدها التي تتحمل عواقبه ومسؤوليته، وتنال جزاء فعلتها التي لا تغتفر. نعم كانت تمنح أحياناً- وفي حالات استثنائية- بسبب الشفقة الأبوية أو الحب الزوجي، أو ما شابه ذلك شيئاً من النقود، أو بعض الحقوق والمزايا في الحياة، ولكن على أي حال لم يكن لها استقلال ذاتي، أو إرادة مستقلة في عمل ما، مثلها في هذه المجتمعات، مثل الطفل الصغير الذي لا يملك القدرة والإرادة في معيشته إذ يعيش تحت ولاية ونفوذ أوليائه، ذلك لأن الطفل مع كونه إنساناً، فهو لا يعطي الاستقلال الذاتي بسبب قلة تعقله، وفتور إرادته، إذ لو أعطي الاستقلال فيما يريد وما يرغب لسبب بذلك اختلالاً في النظام الإجتماعي، ولشل أعضاء المجتمع. ولهذا يجب أن يعيش تحت ظل ورعاية أوليائه، ويعمل وفقاً لأوامر الكبار، حتى يتدرب تدريجياً لتكون له القابلية على المساهمة كعضو في المجتمع. ويمكن تشبيه موقع المرأة في تلك المجتمعات بالأسير الذي يقضي عمره بالعبودية، محروماً من حرية الإرادة والعمل، فالأسير الذي يحصل عليه عن طريق الحرب ويقف بيد الفاتحين- مع أنه إنسان وله جميع الصفات الإنسانية- ولكن نظراً لانه عدو الفئة الفاتحة المنتظرة، فهم ينظرون إلى حرية إرادته وعمله على أنها موجهة لانهدام البناء الاجتماعي، وسبب لتلاشي أجزائه وفناء الإنسانية، لهذا يجب أن تسلب منه حرية العمل والإرادة، وأن يحافظ عليه تحت ذل سلطة الاسترقاق، ليستطيع المجتمع الفاتح أن يسير عجلته بالشكل المطلوب له. كذلك المرأة بسبب ضعف إدراكها وقوة عواطفها وإغواء إحساساتها، تعتبر عدواً للمجتمع، إذ لن يكون لاستقلالها من ناحية الإرادة والعمل سوى شل المجتمع وجلب الحسرة والأسف عليه. كانت مكانة المرأة في المجتمعات المتحضرة قديماً، من حيث قوانينها وشرائعها هو ما ذكرماه سابقاً. وأما من ناحية الاديان كاليهودية والنصرانية فبموجب كتبهم السماوية- التوراة والانجيل.. التي بين أيدينا- كانت منزلة المرأة مشابهة تقريباً لما كانت عليه عند الشعوب المتحضرة آنذاك فمع أن الإنجيل والتوراة يوصيان بالرفق والعطف على النساء، ولكن الشيء الثابت من نصوص هذه الكتب المقدسة أن المرأة لن تصل أبداً إلى مستوى الرجل، وأن القيمة الاجتماعية والدينية للمرأة أدنى بكثير من الوزن الاجتماعي والديني للرجل. وهكذا في سائر الأديان غير السماوية ليس للأعمال الدينية التي تقوم بها المرأة أي أهمية أو قيمة.

تتمة البحث في العدد القادم