دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

تتمة البحث السابق

المرحلة الثانية: وهي المرحلة التي ظهرت فيها الشرائع، والقوانين المدنية لدى الشعوب المتحضرة آنذاك، مثل شريعة حمورابي في بابل، وقوانين روما واليونايين القدماء، ومقررات مصر والصين وفارس القديمة، والتي لم تكن تخلو من الشبه بالقوانين المدنية اليوم. وإذا كانت بين هذه الشرائع والقوانين اختلافات كثيرة فإننا يمكن أن نتصور عاملاً مشتركاً، وقدراً جامعاً بينها، وهو أن للمرأة حقوقاً في المجتمع الإنساني، وينظر إليها على أنها إنسان ضعيف لا تستطيع حمل أعباء الحياة وإدارة شؤونها. فالمرأة في تلك المجتمعات بأي شكل وعلى أي حال كانت، يجب أن تخضع لولاية وقيمومية الرجل في حياتها، تابعة لزمامه، منفذة لأوامره، ولم يكن لها أي استقلال ذاتي، فهي غير مستقلة الإدارة لتعيّن مصيرها بنفسها، وتشق طريق حياتها باختيارها، وهي لا تملك الحرية في أي تصرف من تصرفاتها، ولا تملك استقلالاً في أي عمل، لتستطيع أن تنسب إلى نفسها ثماره. كما أنها غير قادرة على إقامة الشكوى أو الشهادة في دور القضاء، ولا الأمر والنهي في الشؤون الأخرى، ففي هذه المجتمعات حين تكون المرأة في دار أبيها تنفذ أوامره وعليها إطاعته، وجميع تصرفات الأب نافذة، ويجب عليها أن لا تعارضه فهو يزوجها ممن يشاء، ويمنحها لمن يشاء. ولم يكن للمرأة أقارب معترف بهم في تلك القوانين لترثهم، وتتمتع بشيء من الحقوق العائلية، مع أي شخص من الرجال أو النساء، والذي تملكه فحسب هو أن تمنع من الزواج من أبيها، أو أخيها، أو إبنها. وقد كان الزواج من المحارم في فارس القديمة جائزاً، وفي الصين وأطراف هملايا كان الاتصال بامرأة واحدة من قبل عدة أزواج أمراً طبيعياً، ولا تزال حتى اليوم بقايا وآثار هذه الظاهرة موجودة لدى بعض سكان تلك المناطق وبدلاً من أن ينسب المولود إلى أبيه وجده، ينسب إلى أمه وجدته وسلالة الأمهات. وعند هذه الشعوب والأمم لا تملك المرأة أية ثروة، إلا إذا جاءتها عن طريق عمل يسمح لها وليها القيام به، أو من مهر زواجها، فيما إذا لم يتصرف وليها في هذا المهر وأعطاه لها، وهي تعيش بكفالته لها، وقيمومته عليها، ولهذا كان من حق الأب أو الزوج أن يعاملها ويجازيها كيفما يشاء- وحتى القتل-، فله ذلك، في الموارد التي يرى القتل فيها صالحا!! وأقسى الظروف التي تمر على المرأة هي: حينما تكون لها روابط غير مرغوب فيها مع رجل غريب، أو حين تمر بأيام العادة الشهرية، إذ في هذه الحالة يبتعد عنها ككائن قذر، أو حين تلد، وخاصة إذا كان المولود أنثى.

تتمة البحث في العدد القادم