دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

تتمة البحث السابق

والإنسان من أجل تأمين رفاه عيشه، وتحقيق راحته، يلجأ- بواسطة المواد الكيماوية- إلى إبادة ملياردات من الميكروبات الضارة والحشرات، ما يحلق منها في الهواء أو ما يدب على الأرض، ومن أجل غذائه وسائر متطلباته الملايين مما يطير ومما يرتع، دون أن يحس من عمله هذه بأقل جرم أو تأنيب. وكذلك كان للمرأة نفس هذه الحالة في المجتمعات الأولى، وهو ما تشهد به صفحات التأريخ وتقره بقايا هذه السيرة والسلوك عند الأقوام الوحشية في أطراف المعمورة. ولقد مر أمر جد طويل- ولعله استغرق ملايين السنين- من عمر الإنسانية، والمرأة تعيش كطفيلية على المجتمع البشري وليس لها أية عضوية أو مشاركة فيه. وكان وجودها في المجتمع وكان الحفاظ عليها، كله من أجل دفع مجموعة من احتياجات المجتمع فقط، لا من اجل أن تستفيد من حقها في المجتمع، فقد كانت توكل إليها الأعمال الحقيرة، مثل: حمل الأثاث ونقله، أثناء ترحال القبائل بحثاً عن الماء والكلأ، أو جمع الحطب وصيد الأسماك وخدمة الرجال في الدار، كما كان على عاتقها تربية الاطفال والسهر على المرضى. وما دامت المرأة في دار أبيها، أو في دار أحد أوليائها، فهي ملك خالص له، دون أن تملك شيئاً، حتى الثياب والذهب والحلي، التي تخصها فهي ملك لرب الدار أيضاً، ويباح له وبدون أي مانع- أن يتخذ تجاهها أي موقف شديد، ويؤاخذ بأي عذاب أو عقاب، حتى لو وصل ذلك به إلى قتلها. كما أنها كانت تقدم للآخرين كهدية، أو للإستعمال أو لأجل التسلية. وبمجرد أن تنتقل إلى دار الزوج، - وكان يتم ذلك بطريقة البيع والشراء طبعاً- التي هي إحدى بقايا ثمن الحضانة، والتي لا زالت متدوالة في بعض الأماكن حتى اليوم- وإضافة إلى ذلك الاستغلال لكل أتعابها في دار أبيها- فبمجرد ذلك، تصبح في دارها الجديدة، مسرحاً لإشباع شهوات الرجل، إذ بواسطتها تتم إخماد الشهوات الجنسية ( ولا زلنا نسمع اليوم من هنا وهناك عن المجتمعات المتمدنة، إذ يقال: أنه في المدن المتحضرة كما توفر المراحيض العامة لأجل التخلي ودفع الفضلات، كذلك يجب أن توفر دور البغاء العامة لتفريغ الشهوة فهي ضرورية وخاصة لأولئك الذين لا يستطيعون أن يبنوا لأنفسهم عوائل، أو لأولئك المحرومين مؤقتاً بسبب الغربة أو العوامل الأخرى، وهذه في الواقع إحدى الأفكار الأثرية المتبقيةمن الإنسان البدائي، وفي المجتمعات القديمة لم يكن هناك أي تحديد عددي فيما يأخذه الرجل من النساء، وكان الطلاق بيد الرجل، والمرأة إنما تعيش دائماً تحت ولاية الرجل وتكون ضحية لميوله ورغباته. وفي أيام المجاعات العامة أو الضيافات الخاصة كانوا يتغذون على لحم المراة، ويصنعون منه أنواع المآكل لضيوفهم. والخلاصة: أن المرأة في المجتمعات البشرية الاولى كان لها هيئة الإنسان ووظائف الحيوان الأهلي.

تتمة البحث في العدد القادم