دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

تتمة البحث السابق

22- وقد أخرج ابن شبه، عن الليث بن سعد.قال: «أول من جمع القرآن أبوبكر، وكتبه زيد، وكان الناس يأتون زيد بن ثابت، فكان لا يكتب آية إلا بشهادة عدلين، وإن آخر سورة براءة لم توجد إلا مع أبي خزيمة بن ثابت. فقال: اكتبوها فإن رسول الله (ص) جعل شهادته بشاهدة رجلين، فكتب، وإن عمر أتي بأية الرجم فلم نكتبها لأنه كان وحده».(1) هذه أهم الروايات التي وردت في كيفية جمع القرأن، وهي- مع انها أخبار آحاد لا تفيدنا علماً- مخدوشة من جهات شتي: 1- تناقض أحاديث جمع القرآن! إنها متناقضة في أنفسها فلا يمكن الاعتماد علي شيء منها، ومن الجدير بنا أن نشير إلي جملة من مناقضاتها، في ضمن أسئلة وأجوبة: متي جمع القرآن في المصحف؟ ظاهر الرواية الثانية أن الجمع كان في زمن عثمان، وصريح الروايات الأولي، والثالثة، والرابعة، وظاهر البعض الآخر أنه كان في زمان أبي بكر، .صريح الروايتين السابعة، والثانية عشرة أنه كان في زمان عمر. من تصدّي لجمع القرآن زمن أبي بكر؟ تقول الروايتان الاولي، والثانية والعشرون أن المتصدّي لذلك هو زيد بن ثابت، وتقول الرواية الرابعة أنه أبوبكر نفسه، وإنما طلب من زيد أن ينظر فيما جمعه من الكتب، وتقول الرواية الخامسة- ويظهر من غيرها أيضاً- أن المتصدّي هو زيد وعمر. هل فوّض لزيد جمع القرآن؟ يظهر من الرواية الأولي أن أبابكر قد فوّض إليه ذلك، بل هو صريحها، فإن قوله لزيد:«إنك رجل شاب عاقل لانتّهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله(ص) فتتبّع القرآن واجمعه» صريح في ذلك، وتقول الرواية الخامسة وغيرها: إن الكتابة إنما كانت بشهادة شاهدين، حتي ان عمر جاء بآية الرجم فلم تقبل منه. هل بقي من الآيات ما لم يدوّن إلي زمن عثمان؟ ظاهر كثير من الروايات، بل صريحها أيضاً أن عثمان لم ينقص مما كان مدوّناً قبله، وصريح الرواية الرابعة عشرة أنه محا شيئاً ممّا دوّن قبله، وأمر المسلمين بمحو ما محاه.

1- الاتقان:1/101، النوع18.