دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

تتمة البحث السابق

*وهوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ* فقد ذهب أكثر علماء أهل السنة إلى أن الآية منسوخة، ولهم في بيان نسخها وجوه: 1- إنها واردة في الزكاة، وأن وجوبها قد نسخ في غير الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب على ما هو الأشهر، بل ولا قائل من الصحابة والتابعين بوجوبها في كل ما أنبتت الأرض، نعم ذهب أبو حنيفة وزفر إلى وجوبها في غير الحطب والحشيش، والقصب. 2- إن حكم الآية قد نسخ بالسنة: العشر ونصف العشر، وذهب إلى ذلك السدي، وأنس بن مالك، ونسب ذلك إلى ابن عباس، ومحمد بن الحنفية. 3- إن مورد الآية غير الزكاة، وقد نسخ وجوب إعطاء شيء من المال بوجوب الزكاة، ذهب إلى ذلك عكرمة، والضحاك، ونسب ذلك إلى سعيد بن جبير أيضاً. والحق: بطلان القول بالنسخ في مدلول الآية الكريمة، والدليل على ذلك وجوه: الأول: الروايات المستفيضة عن أهل البيت (ع) الدالة عن أن الحق المذكور في الآية هو غير الزكاة، وهو باقٍ ولم ينسخ. منها: ما رواه الشيخ الكليني بإسناده، عن معاوية بن الحجاج، قال: سمعت أبا عبدالله(ع) يقول في الزرع حقان: حق تؤخذ به، وحق تعطيه، قلت: وما الذي أوخذ به وما الذي أعطيه؟ قال أما الذي تؤخذ به فالعشر ونصف العشر، وأما الذي تعطيه فقول الله عزوجل: * وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ*. وقد روى ابن مردويه بإسناده، عن ابي سعيد الخدري، عن النبي (ص) في قول الله تعالى: *وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ*، قال: ما سقط من السنبل. الثاني: إن سورة الأنعام نزلت بمكة جملة واحدة، وقد صرحت بذلك روايات كثيرة، منها: ما رواه الشيخ الكليني، بإسناده عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، قال: قال أبو عبدالله(ع) إن سورة الأنعام نزلت جملة، شيعها سبعون ألف ملك حتى نزلت على محمد(ص) فعظموها وبجلوها، فإن اسم الله عزوجل فيها في سبعين موضعاً، ولو يعلم الناس ما في قراءتها ما تركوها. ومنها: ما روي عن ابن عباس قال: نزلت سورة الأنعام بمكة ليلاً جملة واحدة، حولها سبعون ألف ملك يجأرون حولها بالتسبيح. ومما ريب فيه أن وجوب الزكاة إنما نزل في المدينة، فكيف يمكن أن يقال: إن الآية المذكورة نزلت في الزكاة!. وحكى الزجاج أن هذه الآية قيل فيها: إنها نزلت بالمدينة، وهذا القول مخالف للروايات المستفيضة المتقدمة، وهو مع ذلك قول بغير ذلك.

تتمة البحث في العدد القادم