دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

تتمة البحث السابق

روى شعبة، عن الحكم بن عيينة قال: سألته عن هذه الآية- آية المتعة- أمنسوخة هي؟ قال لا. قال الحكم: قال علي لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي. وروى القرطبي ذلك عن عطاء، عن ابن عباس. أقول: لعل المراد بالشقي- في هذه الرواية- هو ما فسر به هذا اللفظ في رواية أبي هريرة، قال: قال رسول الله(ص): لا يدخل النار إلا شقي، قيل: ومن الشقي؟ قال: الذي لا يعمل بطاعة، ولا يترك لله معصية. وروى عطاء قال: سمعت ابن عباس يقول: رحم الله عمر، ما كانت المتعة إلا رحمة من الله تعالى رحم الله بها أمة محمد(ص) ولو لا نهيه لما احتاج إلى الزنا إلا شفا.(1) ثم إن الروايات التي استند اليها القائل بالنسخ على طوائف. منها: ما ينتهي سنده إلى الربيع بن سبرة، عن أبيه، وهي كثيرة، وقد صرح في بعضها بأن رسول الله(ص) قام بين الركن والمقام، أو بين الباب والمقام، وأعلن تحريم نكاح المتعة يوم القيامة. ومنها: ما روي عن علي (ع) أنه روى تحريمها عن رسول الله(ص). ومنها: ما روي عن سلمة بن الأكوع. أما ما ينتهي سنده إلى سبرة، فهو وإن كثرت طرقه إلا أنه خبر رجل واحد و هو سبرة وخبر الواحد لا يثبت به النسخ. على أن مضمون بعض هذه الروايات يشهد بكذبها، إذ كيف يعقل أن يقوم النبي (ص) خطيباً بين الركن والمقام، أو بين الباب والمقام، ويعلن تحريم شيء إلى يوم القيامة بجمع حاشد من المسلمين، ثم لا يسمعه غير سبرة، أو أنه لا ينقله أحد من ألوف المسلمين سواه، فأين كان المهاجرون والأنصار الذين كانوا يلتقطون كل شاردة وواردة من أقوال النبي(ص) وأفعاله؟ وأين كان الرواة الذين كانوا يهتمون بحفظ اشارات يد النبي(ص) ولحظات عينيه، ليشاركوا سبرة في رواية تحريم المتعة إلى يوم القيامة؟ ثم أين كان عمر نفسه عن هذا الحديث ليستغني به عن إسناد التحريم إلى نفسه؟!. أضف إلى ذلك أن روايات سبرة متعارضة، يكذب بعضها بعضاً، ففي بعضها أن التحريم كان في عام الفتح وفي بعضها أنه كان في حجة الوداع وعلى الجملة إن رواية سبرة هذه في تحريم المتعة لا يمكن الأخذ بها من جهات شتى.

تتمة البحث في العدد القادم

1- الّا شفا: أي الّا القليل من الناس و في رواية (إلّا شقّي).