دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

من حياة المستبصرات » من حياة المستبصرات

السيدة سلمى بوافير ( صوفي بوافير )

لماذا البدء بقصتها ؟
اخترت البدء بسرد قصة إسلام السيدة « سلمى بوافير » لأني اطلعت على قصة هدايتها عن كثب لا عن كتب ، ولأنها تمثل نموذجاً للرحلة الفكرية الشاقة التي مر بها سائر الذين اعتنقوا الاسلام ، وتمثل نموذجاً للأرادة القوية ، والشجاعة الفكرية ، ـ وشجاعة الفكر أعظم شجاعة ـ اللتين اتسم بها المسلمون الجدد ، نساء ورجالاً .
تروي السيدة « سلمى بوافير » قصة اهتدائها إلى الاسلام فتقول بلهجة ملؤها السكينة والاعتزاز :
ولدت في مونتريال / كندا عام 1971في عائلة كاثوليكية متدينة ، فاعتدت الذهاب إلى الكنيسة ، إلى أن بلغت الرابعة عشرة من عمري ، حيث بدأت تراودني تساؤلات كثيرة حول الخالق وحول الأديان . كانت هذه التساؤلات منطقية ولكنها سهلة ، ومن عجب أن تصعب على الذين كنت أسألهم عنها ! ، من هذه الأسئلة التي كنت أسأل أمي عنها : إذا كان الله هو الذي يضر وينفع ، وهو الذي يعطي ويمنع فلماذا لا نسأله مباشرة ؟ ولماذا يتحتم علينا الذهاب إلى الكاهن كي يتوسط بيننا وبين من خلقنا ؟ ! أليس القادر على كل شيء هو الأولى بالسؤال ؟ ! . أسئلة كثيرة كهذه كانت تلح عليّ ، فلما لم أتلق الأجوبة المقنعة عنها توقفت عن الذهاب إلى الكنيسة ، ولم أعد للاستماع لقصص الرهبان غير المقنعة والتي لا طائل منها .
لقد كنت أؤمن بالله ، بعظمته ، بقدرته . لذلك رحت أدرس أدياناً أخرى ، دون أن أجد فيها أجوبة تشفي تساؤلاتي في الحياة . وبقيت أعيش الحيرة الفكرية حتى بدأت دراستي الجامعية .
في الجامعة لفت انتباهي زيُّ إحدى الطالبات اليهوديات المحتشم ، فتقربت منها وصادقتها ، وبدأت أعتني بدراسة الديانة اليهودية ، في البدء أحببت هذه الديانة ، وسرعان ما اكتشفت عورات هذا الدين ، وليس أقلها أني لا أستطيع اعتناقه لأني لم أولد يهودية ! وكان السؤال الكبير والمهم : إذا كان الله يقبل عباده ، فكيف يرفض أن أعتنق دينه ؟ ! وكيف يرفض الدين الحق الراغبين باعتناقه ؟ وعرفت أخيراً أن اليهودية ليست هي ضالتي ، ولا عندها الريّ لظمأ أسئلتي . . .
بدأت أدرس الدين الإسلامي ، فتعرفت على شاب مسلم جعلت منه عوناً لي على فهم الإسلام ، وبدأت أسأله وهو يجيب ، فأدهشني ما وجدت من أجوبة مقنعة عن تساؤلاتي الكبرى ، وبقيت سنة كاملة وأنا غارقة في دراسة هذا الدين الفذ حتى استولى حبه على قلبي ، والمنظر الأروع الذي جذبني إلى الإسلام هو منظر المسلم حين يصلي ، كان يبهرني ذلك الخشوع العجيب بين يدي الله ، وذلك الأدب وتلك السكينة ، وكانت تبهرني تلك الحركات المتناسقة والمعبرة عن كمال العبودية لله تعالى . ولما فكرت باعتناق الإسلام ، خشيت أهلي وأصدقائي . فقرار خطير كهذا يحتاج إلى شجاعة كبيرة وإرادة صلبة . عشت شهراً كاملاً في صراع مرير ، ومما زاد الأمر صعوبة أنني أعيش في بلد غير مسلم ، ولا أعرف إلى أي مدى ستصل ردة فعل الأهل والأصدقاء . ولكن ذلك الصديق المسلم هونّ عليّ الأمر بقوله الدائم : « إذا كنت مع الله ، فإن الله يكون معك » ، وكانت هذه الكلمة تدخل السكينة إلى قلبي ، ومما أراحني أيضاً أنني بدأت أعتاد المسجد ، فوجدت بعض الأخوات الكنديات اللواتي سبقنني إلى الإسلام ، الأمر الذي أفرحني وأمدني بالقوة والشجاعة ، فارتديت الحجاب أولاً لأختبر إرادتي ، وبقيت على هذه الحال أسبوعين حتى كانت لحظة الانعطاف الكبير في حياتي حين شهدت أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله .
إن الإسلام الذي جمعني مع هذا الصديق المسلم ، هو نفسه الذي جمعنا بعد شهر من إسلامي لنكون زوجين مسلمين . لقد شاء الله أن يكون رفيقي في رحلة الإيمان ، رفيقي في رحلة الحياة .