دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

تتمة البحث السابق

إن الإرث من غير جهة الرحم لا بدّله من تحقق عقد والتزام من العقائد بيمينه وقدرته، وهو تارة يكون من جهة الزواج، فكل من الزوجين يرث صاحبه بسبب عقد الزواج الذي تحقق بينهما، وتارة يكون من جهة عقد البيعة والتبعية ويسمى ذلك بولاء الإمامة، ولا خلاف في ثبوت ذلك لرسول الله (ص) وقد ورد في عدة روايات من طرق أهل السنة أنه (ص) قال: أنا وارث من لا وارث له. ولا إشكال أيضاً في ثبوته لأوصياء النبي الكرام(ص) فقد ثبت بالأدلة القطعية أنهم بمنزلة نفس الرسول (ص)، وعلى ذلك اتفقت كلمات الإمامية ورايات أهل البيت (ع) وتارة يكون من جهة عقد العتق، فيرث عبده الذي أعتقه بولاء العتق، ولا خلاف في ذلك بين الإمامية، وقال به جمع من غيرهم، وتارة يكون من جهة عقد الضمان ويسمى ذلك بولاء ضمان الجريرة وقد اتفقت الإمامية على ثبوت الإرث بسبب هذا الولاء، وذهب اليه أبو حنيفة وأصحابه. وجملة القول: فدعوى نسخ الآية يتوقف على ثبوتها على أمرين: 1- أن يكون قوله تعالى: (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) في الآية معطوفاً على ما قبله، ولا يكون جملة مستأنفة ليكون المراد من نصيبهم النصح والمشورة وما يشبههما. 2- أن يراد بعقد اليمين فيها: خصوص ضمان الجريرة، مع الإلتزام بعدم ثبوت الإرث به، أو عقد المؤاخاة وما يشبهه من العقود التي اتّفق المسلمون على عدم ثبوت الإرث بها. أما الأمر الأول: فلا ريب فيه، وهو الذي يقتضيه سياق الآية. وأما الأمر الثاني: فهو ممنوع، لأن ضمان الجريرة أحد مصاديق عقد اليمين، ومع ذلك فلم ينسخ حكمه، ودعوى أن المراد بعقد العقود التي لا توجب التوريث، كالمؤاخاة ونحوها لا دليل على ثبوتها.

تتمة البحث في العدد القادم