دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

وأشرقت الأرض بنور ربّها

أشرقت الأرض بنور ربّها، وجيء بوارث النبيين وجامع علوم الأوّلين والآخرين، إمام الشهداء وسيّد الصّدّيقين، واحتفالنا بانبشاق هذا النور الإلهي في مثل هذا اليوم ليس كاحتفال الأمم بيوم ولادة ملوكها أو عظمائها وسلاطينها ورجال نهضتها، بل احتفال بالنّعمة والآية الكبرى والمثل للأعلى الذي تنزّلت الأحدية به من عليا ملكوتها الشامخ، وجبروتها الباذخ، وقدس تجرّدها إلى عوالم النّاسوت وتقمّص المادة لتعود المادّة روحاً، والجسد عقلاً، والموت حياة. نحتفل بذكرى ولادة بحر العلم الخضمّ الذي تدفق بنهج البلاغة، وهو نبع من ينابيعه، وشرعة من مشاريعه، ولا جاءت العصور، ولا انجلت الدهور عن كتاب بعد كتاب الله العظيم أنفع ولا أجمع ولا ألمع ولا أنصع منه في إقامة براهين التوحيد، ودلائل الصّنعة، واسرار الخلقة، وأنوار الحقيقة، وتهذيب النفس، وسياسة المدن، وحكمة التشريع، والعظات البليغة، والحجج الدافعة، وإنارة العقول، وطهارة النفوس، بينا نراه يفيض ينابيع الحكمة النّظريّة والعملية ويرهق على توحيد الصّانع، ويعرف في وصف الملائكة والمجرّدات بياناً، ويمثّل لك الجنّة والنّار عياناً... نحتفل بذكرى ولادة الإمام الذي وضع الدنيا تحت قدميه، وكانت – وهي العزيزة لغيره- أحقر شيء لديه، الإمام الذي عرف حقيقتها، وأعطاها حقّها، قال: يا دنيا غري غيري، الإمام الذي لولا ضرب ماضيه ما إخضّر للإسلام عودٌ، ولا قام له عمودٌ، بل لولاه لما استقام الوجود، ولاعُرف المعبود...