دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

مزاعم حول المتعة

مزاعم حول المتعة زعم صاحب المنار أن التمتع ينافي الإحصان، بل يكون قصده الأول المسافحة، لأنه ليس من الإحصان في شيء أن تؤجر المرأة نفسها كل طائفة من الزمن لرجل، فتكون كما قيل: كرة حذفت بصوالجة فتلقفها رجل رجل وزعم أنه ينافي قوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ. فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) ثم ذكر أن تحريم عمر لم يكن من قبل نفسه، فإن ثبت أنه نسبه إلى نفسه فمعناه أنه بين تحريمها، أو أنه أنفذه. ثم إنه استغفر بعد ذلك عما كتبه في المنار من أن عمر منع المتعة اجتهاداً منه ووافقه عليه الصحابة. ودفعاً لهذه المزاعم نقول: أما حكاية منافاة التمتع للإحصان فهو مبني على ما يزعمه هو من أن التمتع بها ليست زوجه، وقد أوضحنا، وقد أوضحنا- فيما تقدم- فساد هذا القول ومنه أيضاً فساد توهمه أن جواز التمتع ينافي وجوب حفظ الفروج على غير الأزواج. وأما تعبيره عن عقد المتعة بإجارة المرأة نفسها، وتشبيه المرأة بالكرة التي تتلقفها الأيدي، - فهو- لو كان صحيحاً- لكان ذلك اعتراضاً على تشريع هذا النوع من النكاح على عهد رسول الله(ص) لأن هذا التشبيه والتقبيح لا يختص بزمان دون زمان، ولا يشك مسلم في أن التمتع كان حلالاً على عهد رسول الله(ص) وقد عرفت- فيما تقدم- أن إباحته استمرت حتى إلى مدة من عهد عمر. ومن الغريب: أن يصرح- هنا- انه لم يقصد غير بيان الحق، وانه لا يتعصب لمذهب، ثم يجرّه التعصب إلى أن يشنّع على ما ثبت في الشرع الإسلامي بنص الكتاب والسنة وإجماع المسلمين، وإن وقع الإختلاف بينهم في نسخه واستمراره. أضف إلى ذلك أن انتقال المرأة من رجل إلى رجل لو كان قبيحاً لكان ذلك مانعاً عن طلاق المرأة في العقد الدائم، لتتنقل إلى عصمة رجل آخر، وعن انتقال المرأة بملك اليمين، ولم يستشكل في ذلك أحد من المسلمين، إلا أن صاحب المنار في مندوحة عن هذا الإشكال، لأنه يرى المنع من الاسترقاق، إلا أن في تجويزه مفاسد كثيرة، وزعم أن العلماء الأعلام أهملوا ذكر ذلك، وذهب إلى بطلان العقد الدائم،إذا قصد الزوج من أول الأمر الطلاق بعد ذلك، وخالف في ذلك فتاوى فقهاء المسلمين. ومن الغريب أيضاً: ما وجّه به نسبة عمر تحريم المتعة إلى نفسه، فإنه لا ينهض ذلك بما زعمه، فإن بيان عمر للتحريم إمّا أن يكون اجتهاداً منه على خلاف قول النبي(ص)، وإما أن يكون اجتهاداً منه بتحريم النبي إياها، وإما أن يكون رواية منه للتحريم عن النبي(ص).

تتمة البحث في العدد القادم