دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

تقليد الجهة المعارضة

بينما تكون غريزة التقليد هي المتغلبة في مرحلة الطفولة الثالثة، تكبر الغريزة المعارضة في بداية البلوغ وتعطي الروح الانسانية حالة من المعارضة والضدية. تنحط قوة المحاكاة بينما تقوى قدرة مراقبة السلوك وقوة مواجهة المشكلات. ويتضح هذا في الفتيان خاصة لرغبتهم في النزاع والهجوم، ومع هذا فإن رد فعل التقليد لم يزل موجوداً ويتخلط مع رد فعل عدم التقليد. فالميل إلى إيجاد اشياء جديدة وهو ما يلاحظ بكثرة في هذه السنوات وهو في الحقيقة نتيجة لهذا التقليد في الجهة المعارضة. في عام1966 قام شاب في شيكاغو بقتل تسع ممرضات، ولم يمر وقت طويل حتى اقدم شاب آخر في جامعة تكساس على قتل ستة عشر شخصاً، هذين الحادثين الداميين اصبحا سبباً لقيام روبرت سميت وهو شاب في الثامنة عشر من عمره على تقليد الشخصين المذكورين وتنفيذ جريمة مماثلة في ذات العام واستهداف سنة اشخاص برصاصه. روبرت سميث شاب امريكي في الثامنة عشر من عمره دخل هذا اليوم بشكل مفاجئ مدرسة للحلاقة والتجميل واستهدف بمسدسة ستة فتيات. فقد دخل سميث في الفصل الذي تتعلم فيه الفتيات درس التجميل وامر الفتيات الستة للتمدد على الارض بشكل دائري، ثم اخرج مسدسه واستهدف ادمغة الفتيات. وقد توفيت اثنتان من الفتيات فوراً وثلاثة اخريات في المستشفى، فيما لا زالت السادسة في حالة اغماء كاملة وليس هناك من امل في نجاتها. وبعد هذه المذبحة خرج سميث من الفصل وهو يضحك بشدة. واستطاعت امرأة من اطلاع الشرطة فوراً والقاء القبض على القاتل لتسليمه إلى العدالة. وقال روبرت سميث في مركز الشرطة: إن القتل الجماعي الذي وقع مؤخراً في امريكا دفعه لارتكاب جريمة اليوم. نستنتج: إن الرغبة في الحرية المطلقة والميل المفرط إلى التقليد في الجهة المعارضة يؤدي إلى تمرد الشباب عن الآداب والتقاليد الاجتماعية، هو احد الاسباب الاساسية لمعارضة جيل الشباب لكبار السن في اختيار الصفات الاخلاقية وتوكيد الشخصية. الشاب والاوهام من الميول التي تبرز بشدة في مرحلة الشباب وتبعث على عصيان من يمثلون هذا الجيل عن الأساليب والممارسات العقلائية للكبار هو الرغبة في الاوهام المستحيلة والتصورات الاسطورية. ففي هذه المرحلة تنفذ الافكار الحلوة المستحيلة الحدوث إلى اعماق روح الشباب وتجرهم إلى عالم الاحلام والاوهام حتى تضع حائلاً بينهم وبين النظرة الواقعية ودرك حقائق الحياة. قد لا يكون تصور وتخيل الانسان في فترة الحياة بتلك الشدة والتلألؤ بما لا يمكن مقاومته، ولا سيما في الفترة المحصورة بين 17-20 عاماً فلها ميزة خاصة في مراحل الحياة. فنسج الخيال هي الصورة الترجيحية للتفكير في مرحلة التكليف. ويبدأ بنتيجة انفعال خفيف وبسيط حيث يكون أولى الصور الذهنية، وبعد وبنتيجة تداعي الافكار والذكريات تشتق صور جديدة من تلك، كأنما يدفع الشاب على منحدرليّن نحو عالم نصف خيالي وفي نفس الوقت له ارتباط تام بوضع احساساته الحالية.