دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

تتمة البحث السابق

الأمر الاول: إرادة التمتع بالنساء من الاستمتاع فلا ريب في ثبوته وقد تظافرت في ذلك الروايات عن الطريقين، قال القرطبي: قال الجمهور المراد نكاح المتعة الذي كان في صدر الإسلام، وقرأ ابن عباس، وأبيّ، وابن جبير ( فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن) ، ومع ذلك فلا يلتفت إلى قول الحسن بأن المراد منها النكاح الدائم، وأن الله لم يحل المتعة في كتابه، ونسب هذا القول إلى مجاهد وابن عباس أيضاً، والروايات المروية عنهما أن الآية نزلت في المتعة تكذب هذه النسبة. وعلى كل حال فإن استفاضة الروايات في ثبوت هذا النكاح وتشريعه تغنينا عن تكلف إثباته، وعن إطالة الكلام فيه. وأما الامر الثاني: تحريم نكاح المتعة بعد جوازه فهو ممنوع، فإن ما يحتمل أن يعتمد عليه القائل بالنسخ هو احد امور، وجميعا لا يصلح لأن يكون ناسخاً، وهي: إن ناسخها هو قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) ونسب ذلك إلى ابن عباس. ولكن النسبة غير صحيحة، فإنك ستعرف ان ابن عباس بقي مصرّاً على إباحة المتعة طيلة حياته. والجواب عن ذلك ظاهر، لأن الإلتزام بالنسخ إن كان لأجل أن عدة المتمتع بها أقل من عدّة المطلّقة فلا دلالة في الآية، ولا في غيرها. على أن عدة النساء لابد وأن تكون على نحو واحد، وإن كان لأجل أنه لا طلاق في نكاح المتعة، فليس للآية تعرض لبيان موارد الطلاق، وأنه في أيّ مورد يكون وفي أي مورد لا يكون. وقد نقل في تفسير المنار عن بعض المفسرين أن الشيعة يقولون بعدم العدّة في نكاح المتعة. سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم. وهذه كتب فقهاء الشيعة من قدمائهم ومتأخريهم، ليس فيها من نسب إليه هذا القول، وإن كان على سبيل الشذوذ، فضلاً عن كونه مجمعاً عليه بينهم، وللشيعة مع هؤلاء الذين عليهم الأقاويل، وينسبون إليهم الأباطيل يوم تجتمع الخصوم وهناك يخسر المبطلون. إن ناسخها قوله تعالى: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ) من حيث أن المتمتع بها لا ترث ولا تورث فلا تكون زوجة. ونسب ذلك إلى سعيد بن المسيب، وسالم بن عبدالله، والقاسم بن أبي بكر. الجواب: إن ما دلّ على نفي التوارث في نكاح المتعة يكون مخصصاً لآية الإرث ولا دليل على أن الزوجية بمطلقها تستلزم التوارث. وقد ثبت أن الكافر لا يرث المسلم، وأن القاتل لا يرث المقتول، وغاية ما ينتجه ذلك أن التوارث مختص بالنكاح الدائم، وأين هذا من النسخ؟!

تتمة البحث في العدد القادم