دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

مشهد زينب الكبرى (ع) بقرية رواية بالشام عند علماء الشيعة الإمامية

لا مشاحة في أن احياء ذكريات العترة واعلاء اعلامهم وعمارة مشاهدهم وتعهدها بالزيارة من أجلى مظاهر التعظيم لشعائر الله الذي من تقوى القلوب وهو عمل مبرور لا يجحده الا مكابر عنيد والمسلمون على اختلاف اهوائهم ومذاهبهم سواسية في اجلال تلكم البقاع المشرفة وأما الشيعة الامامية فلهم الولع الشديد والشغف المزيد والاعتناء الخاص بضرائح أهل البيت المقدسة وهم أكثر الناس ازدلافاً إلى قبورهم يتقاطرون عليها من أقاصي البلاد ولهم في المواسم المخصوصة على كل مشهد زحام هائل وتهافت متواصل وهكذا أدّبهم الأئمة(ع) في أخبارهم الصحيحة التي تبلغ إلى المئات فلا يثنيهم عن ذلك هزء المستهزئين ولا سخر الخصوم الشامتين قال ذريح المحاربي للإمام الصادق (ع) إني إذا ذكرت زيارة أبي عبد الله(ع) هزء بي ولدي وأقاربي فقال(ع) دع الناس يذهبون حيث شاؤا وكن معنا فذلك نرى زرافات من الزوار الواردين من البلاد الشاسعة وهم يقاسون امضّ المتاعب واشقها في قطع المسافات الطويلة من جبال شاهقة وصحار قاحلة وفيهم صبيان وعجائز وشيوخ ذرفوا على مائة يقصدون المشاهد المشرفة وهو من أحد الأدلة على عظمة أهل البيت إذ سخّر الله الخلق لتعظيم مشاهدهم على اختلاف الأهواء وتباين المذاهب فكلهم يعتقد بأن تلك البقاع المشرفة محال لاستنزال الفيوض الربانية واستدفاع الملمات واستفتاح الأغلاق (ومن تلك البقاع بقعة راوية التي تتضمن ضريح العقيلة زينب الكبرى(ع) في غوطة دمشق الشام ولا نزاع في ان العقيلة الطاهرة يضعة النبي الأعظم وريحانته لها اشرف نسب وأكمل حسب وأطهر قلب فهي قطب المناقب والمزايا صيغت في قالب ضمخ لعطر الفضائل فالمستجلى آثارها والناظر في أحوالها يتمثل أمام عينيه رمز الحق والفضيلة والشجاعة والعبادة والبلاغة وقوة الجنان ومثال الزهد والورع والعفاف والشهامة فالمسلم الذي يحمل بين جوانحه عاطفة اسلامية ويقدّر أيادي محسنيه يحق له ان يقتبس من سيرتها الطبية انموذجاً صالحاً في تهذيب النفس والمجاهرة بالصدق وايثار الحق والدفاع عن العقيدة فان مشهدها الكريم بالشام في أرض خصماء أبيها مع ذلك الاجلال الهائل والاحترام الفائق آية من آيات الله وأحد الموارد التي عني بها النبي الأعظم في حديث له مخاطباً لأمير المؤمنين (ع) يا أبا الحسن ان الله تعالى جعل قبرك وقبور ولدك بقاعاً من بقاع الجنة وعرصة من عرصاتها وان الله جعل قلوب نجباء من خلقه وصفوة من عباده تحن اليكم وتحتمل الأذى والذلة فيعمرون قبوركم ويكثرون زيارتها.