دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

إهتمام الإمام الصادق بالبعد الأخلاقي

لاحظ الإمام الصادق(ع) تأثير موجات الانحراف الفكريّ والسياسيّ على الأمّة ومدى إفسادها لعقول الناس، وما لعبته سياسة الاُمويين من خلق أجواءٍ ملائمةٍ لطغيان النزعات الإلحادية والقبلية حتى عمّ الانفلات الأخلاقي، كما كثر في زمانه(ع) رفع شعار الورع والتقوى. كل ذلك أفقد الأمّة قيمها وأبعدها عن الاخلاق التي أمر بها الرسول(ص) وأرادها لأمّته. من هنا كان دور الإمام(ع) وتوجّهه الروحي والأخلاقي مع الأمّة في عدّة أبعاد: البعد الأول: كونه(ع) القدوة الصالحة والمثال الواقعيّ الذي تتجسد في شخصه أخلاق الرسالة؛ مما يكون موقعاً لإشاع الفضيلة ونموّها، ويكشف من جانبٍ آخر زيف الأنانية ونزعات الذات. البعد الثاني: تقديم مجموعة من الوصايا والرسائل والتوجيهات التربويّة والأخلاقية التي عالج من خلالها الخواء الروحيّ والانحراف الأخلاقيّ الذي نما في سنوات الانحراف. أما في البعد الاوّل فنجد الإمام(ع) كان يدعو الناس الفضيلة برفقٍ ولينٍ، ويجادلهم بالتي هي أحسن، وكان يسمح للسائلين بطرح أسئلتهم مهما كانت، وكان يوضّح لهم ما كان غامضاً عليهم. كما كان لا يقبل من مقرّبيه أن يتشدّدوا بدعوتهم، حيث كان يقول لهم: (لأحملنّ ذنوب سفهائكم على علمائكم، ما يمنعكم إذا بلغكم عن الرجل منكم ما تكرهون، وما يدخل به الأذى علينا، أن تأتوه فتؤنّبوه وتعذلوه وتقولوا له قولاً بليغاً) فقال له بعض أصحابه إذاً لا يقبلون منّا، قال: (اهجروهم واجتنبوا مجالسهم).