دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

تتمة البحث السابق

*يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى* فقد ادعي انها منسوخة بقوله تعالى: *وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ* ومن أجل ذلك ذهب الجمهور من أهل السنة إلى أن الرجل يقتل بالمرأة من غير أن يردّ إلى ورثته شيء من الدية وخالف في ذلك الحسن وعطاء، فذهبا إلى أن الرجل لا يقتل بالمرأة. وقال الليث: إذا قتل الرجل امرأته لا يقتل بها خاصة وذهبت الامامية إلى أن وليّ دم المرأة مخير بين المطالبة بديتها، ومطالبة الرجل القاتل بالقصاص، بشرط أداء نصف دية الرجل. والمشهور بين أهل السنة: أن الحر لا يقتل بالعبد، وعليه إجماع الإمامية، وخالفهم في ذلك أبو حنيفة، والثوري، وابن أبي ليلى، وداود، فقالوا: إن الحر يقتل بعبد غيره، وذهب شواذ منهم إلى أن الحر يقتل بالعبد وإن كان عبد نفسه. والحق: أن الآية الأولى ولم يرد عليها ناسخ، والوجه في ذلك: أن الآية الثانية مطلقة من حيث العبد، والحر، والذكر، والأنثى فلا صراحة لها في حكم العبد، وحكم الأنثى. وعلى كل فإن لم تكن الآية في مقام البيان من حيث خصوصية القاتل والمقتول، بل كانت في مقام بيان المساواة في مقدار الاعتداء فقط، على ما هو مفاد قوله تعالى: *فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ* كانت مهملة ولا ظهور لها في العموم لتكون ناسخة للآية الأولى، وإن كانت في مقام البيان من هذه الناحية- وكانت ظاهرة في الإطلاق وظاهرة في ثبوت الحكم في هذه الأمة أيضاً، ولم تكن للأخبار عن ثبوت ذلك في التوراة فقط- كانت الآية الأولى مقيدة لإطلاقها، وقرينة على بيان المراد منها، فإن المطلق لا يصلح لأن يكون ناسخاً للمقيد وإن كان متأخراً عنه، بل يكون المقيد قرينة على التصرف في ظهور المطلق على ما هو الحال في المقيد المتأخر، وعلى ذلك فلا موجب للقول بجواز قتل الحر بالعبد.

تتمة البحث في العدد القادم