دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

تتمة البحث السابق

أو إلقائهم الفتنة بين المسلمين، لقوله تعالى بعد ذلك: *وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ* أو امتناعهم عن إعطاء الجزية للآية المتقدمة، وأما مع عدم وجود سبب آخر فلا يجوز قتالهم لمجرد الكفر، كما هو صريح الآية الكريمة. وحاصل ذلك: أن الأمر في الآية المباركة بالعفو والصفح عن الكتابيين، لأنهم يودّون أن يردّوا المسلمين كفاراً- وهذا لازم عادي لكفرهم- لا ينافيه الأمر بقتالهم عند وجود سبب آخر يقتضيه، على أن متوهم النسخ في الآية الكريمة قد حمل لفظ الأمر من قوله تعالى: *حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ* على الطلب، فتوهّم أن الله أمر بالعفو عن الكفار إلى أن يأمر المسلمين بقتالهم فحمله على النسخ. وقد اتضح للقارىء أن هذا – على فرض صحته- لا يستلزم النسخ ولكن هذا التوهم ساقط، فإن المراد بالأمر هنا الأمر التكويني وقضاء الله تعالى في خلقه، ويدل على ذلك تعلق الإتيان به، وقوله تعالى بعد ذلك: *إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* وحاصل معنى الآية الأمر بالعفو والصفح عن الكتابيين بودّهم هذا، حتى يفعل الله ما يشاء في خلقه من عز الإسلام، وتقوية شوكته، ودخول كثير من الكفار في الإسلام، وإهلاك كثير من غيرهم، وعذابهم في الآخرة، وغير ذلك مما يأتي الله به من قضائه وقدره.

تتمة البحث في العدد القادم