دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية - دار الزهراء (عليها السلام) الثقافية

أحكام المرأة والأسرة » كتاب المتاجر

كتاب المتاجر

 

كتاب المتاجر

 

المكاسب المحرّمة

1 ـ يُحرم النوح بالباطل، أي: بالكذب، ولا بأس بالنوح بالحقّ.

2 ـ يُحرم الفحش من القول، وهو: ما يُستقبح التصريح به، أمّا مع كلّ أحـد، أو مع غير الزوجة، فيُحرم الأوّل مطلقاً، ويجوز الثاني مع الزوجة دون غيرها(1).

3 ـ لا يجوز التكسّب بالخمر وباقي المسكرات المائعة، والخنزير والكلب غير الصيود، ولا يجوز المعاوضـة بهذه الأشياء بأي نحو من أنحاء المعاوضـة، ومنها: جعلها مهراً في النكاح، وعوضاً في الطلاق الخلعي.

4 ـ يجوز بيع أواني الذهب والفضّـة للتزيّن، أو لمجرّد الاقتناء; إذاً يجوز بيعها لتوضع في معرض غرفة الاستقبال، وهو ما يسمّى بـ: (البوفية) في عُرفنا، والذي يُحرم هو استعمالها في الأكل والشرب، بل وفي غيرهما أيضاً، على الأحوط(2).

5 ـ الموسيقى المحرّمة: وهي ما تكون مناسبة لمجالس اللهو واللعب وإن لم تكن مثيرة للغريزة الجنسية(3)..

____________

1- أي: أنّ من الفحش ما يُستقبح التصريح به في الكلام، سواء مع الزوجة أو غيرها فيكون حراماً مع الكلّ، ومن الفحش ما يكون قبيحاً مع غير الزوجة فليس حراماً مع الزوجة، ويرجع في معرفة نوع الفحش إلى العُرف.

2- الاحتياط هنا: وجوبي.

3- فقه الحضارة: 202.


الصفحة 76

والموسيقى المحلّلة: هي ما لا تُناسب تلك المجالس وإن لم تكن مهدّئة للأعصاب، كالموسيقى العسكريّة والجنائزيّة التي تكون في تشييع الجنائز(1)، وكذا ما يُشكّ في كونها من أي القسمين.

6 ـ الغناء كلّه حرام; وهو: الكلام اللهوي الذي يؤتى به بالألحان المتعارفة عند أهل اللهو واللعب، ويلحق بالحرمة قراءة القرآن الكريم والأدعية المباركة ومدائح أهل البيت (عليهم السلام) إذا كانت على هذه الألحان.

7 ـ الأحوط وجوباً: حرمة الأناشـيد الحماسـيّة التي تكون بالألحان المتعارفة عند أهل اللهو واللعب، مع أنّها ليست من الكلام اللهوي، وأمّا اللحن الذي لا ينطبق عليه التعريف المذكور فليس محرّماً بذاته، إلاّ إذا اشترك معه شيء يؤدّي إلى حرمته.

8 ـ يجوز الاستماع إلى التواشـيح الدينيّة التي لا ينطبق عليها تعريف الغناء.

9 ـ إذا كان قارئ القرآن قد استخـدم لحناً غنائيّاً فيه فلا يجوز الاستماع إليه(2)، كما أنّه لا يجوز القراءة بهذا النحـو.

10 ـ يُحرم الغناء والتكسّب به والاستماع إليه، شعراً كان أو نثراً، حتّى غناء النساء في الأعراس، على الأحوط وجوباً(3)، وإن لم يضمّ إليه محرّم آخر، كـ: الضرب في الطبل، والتكلّم بالباطل، ودخول الرجال على النساء، وسماع أصواتهنّ على نحو يسبّب الريبة.

____________

1- فقه الحضارة: 203.

2- فقه الحضارة: 202.

3- فقه الحضارة: 204.


الصفحة 77

وأمّا الحداء للإبل فليس بغناء أصلا، ولو شكّ في كونه غناءً أو لا يبني على عدم كونه غناءً.

11 ـ الموسيقى المناسبة لمجالس اللهو واللعب محرّمة، كـ: العزف بالعود والقانون والطنبور والقيثارة; فهي محرّمة كالغناء، والموسيقى العسكرية تُجتنب، على الأحوط استحباباً.

12 ـ لا يجوز اللعب بآلات القمار كالشطرنج والدوملة والطاولي وغيره مع الرهن، وكذلك يحرم أخـذ الرهن، ولو أخذه لا يملكه، وهذا ممّا لا بُدّ أن ينبّه عليه في أوساط الشباب.

وكذلك يحرم اللعب بالنرد والشطرنج، حتّى مع عدم الرهن، وإن كان ذلك في الكمبيوتر، والأحوط وجوباً: تجنّب اللعب مع الكمبيوتر على أن يكون الجهاز هو الطرف الآخر في اللعب، والأحوط وجوباً: ترك اللعب في غير ذلك ممّا يُعدّ من آلات القمار في العرف المستعمل، حتّى مع عدم الرهـن.

وكذلك تـحرم المراهنة على: حمل الوزن الثقيل، والمصارعة، والقفز، ونحو ذلك، ويحرم اللعب بهذه الأُمور مع المراهنة.

13 ـ السِحر: وهو ما يوجـب الوقوع في الوهم بالغلبة على البصر أو السمع أو غيرهما.

وكذلك يوجد إشكال في تسخير الجنّ أو الملائكة أو الإنسان بالسحر، ويحرم لو كان التسخير مضـرّاً بمَن لا يجوز إضـراره.

14 ـ تقوم بعض النساء بالسِحر، وهو محرّم كما أنّ تعلّمه وتعليمه محرّم، وكذلك التكسّب به، وإن كان لدفع السحر، لكنّه جائز فيما


الصفحة 78

لو توقّف عليه ما هو أهمّ منه، كـ: حفظ النفس المحترمة المسحـورة.

 

البيع الفضولي

1 ـ يجوز للأب والجدّ للأبّ ـ وإن علا ـ التصرّف في مال الصغير بالبيع والشراء والإجارة وغيرها.

مسائل متفرّقة

1 ـ يجوز استئجار امرأة مدّة معيّنة للانتفاع بلبنها الموجود في ثديها حالا، أو الذي يتكوّن في الثدي بعد الاستئجار.

2 ـ لا بأس بأخذ الأُجرة على ذكر مصيبة سـيّد الشهداء (عليه السلام)، وكذلك فضائل أهل البيت (عليهم السلام)، والخطب المشتملة على المواعظ، وممّا له فائدة عقلائيّة، دينيّة أو دنيويّة.

3 ـ لا يجوز، على الأحوط(1)، استئجار الصبيّ غير البالغ في الموارد التي يجوز استئجار البالغ فيها للنيابة، مع العلم بإتيانه على الوجه الصحيح.

4 ـ يجوز للأب والجدّ المضاربة بمال الصغير، بشرط وثاقة العامل وأمانته، فإن دفعه إلى غيره ضمِن.

5 ـ لو سلّم الوديعة إلى زوجته أو ولده ليحرزها فتلفت ضَمِنَ المستودَع عنده، إلاّ أن يكون المستودَع عنده كالآلة ويكون هو المحافظ عليها; لكونها مسـتودَعة بمحضـره وباطلاّعه ومشاهدته، فيكون هو الضامن.

____________

1- الاحتياط هنا: وجوبي.


الصفحة 79

6 ـ لا تصحّ إعارة الطفل ماله للغير، وإذا رأى ولي الطفل مصلحة في إعارة مال الطفل جاز أن يجعل الطفل وسيطاً في إيصال العارية إلى المستعير.

7 ـ يستحبّ أخذ اللقيط، بل هو واجب كفائي إذا توقّف حفظه على أخذه. والمقصود باللقيط هو: الطفل الضائع الذي لا كافل له، ولا يتمكّن أن يعتمد على نفسه في إيصال المصلحة ودفع الضـرر، ولا يشترط أن يكون هذا الطفل مميّزاً ما دام قد صدق عليه أنّه ضائع ولا كافل له.

8 ـ الذي يأخذ اللقيط أحقّ بحضانته من غيره، وكذلك هو أحقّ بتربيته إلى أن يبلغ، ولا يمكن لأحد أن ينتزعه منه ويتصدّى لحضانته ما عدا مَن له حقّ الحضانة كالأبوين والأجداد، أو وصيّ الأب أو وصيّ الجدّ للأب، فإذا عثر على أحد هؤلاء فلا ينطبق عليه عنوان اللقيط بعد.

9 ـ يجب على الأب والجدّ والوصيّ لهما أن يتولّوا حضانة اللقيط، وأخذه من يد مَن تولّى حضانته، ولو امتنعوا أجبروا على الانتزاع من يد الآخـذ.

10 ـ يشترط في ملتقِط الصبيّ البلوغ والعقل والإسلام إذا كان اللقيط محكوماً بالإسلام.

11 ـ يستطيع اللقيط أن يتولّى بعد بلوغه مَن شاء، ولا ولاية للآخذ عليه، فلو مات ولم يجعل أحداً وليّاً عليه فميراثه للإمام (عليه السلام).

12 ـ لا يجوز للملتقِط [ بالكسر ] أن يتبنّى اللقيط ويُلحقه بنفسه، ولو فعل ذلك لم يترتّب عليه آثار البنوّة والأُبوّة والأُمومة، فلا يكون ولداً ولا يكونا له أبوين.


الصفحة 80

 

الرهـن

1 ـ يجوز لوليّ الطفل رهن ماله، والارتهان للطفل مع وجود المصلحة.

الحـجـر

1 ـ الصغير محجور عليه شرعاً، بمعنى أنّه لا تنفذ تصرّفاته الاستقلاليّة في أمواله، كـ: البيع والصلح والهبة والقرض والإجارة والعارية، ويستثنى من ذلك ما يتصدّى له الصبيّ ممّا جرت عليه العادة، كـ: الخيرات العامّة والمبرّات.

2 ـ لا يصحّ الاقتراض من المحجور عليه، ولا البيع والشراء في الذمّة بالنسيئة ـ أي استلام البضاعة وتأجيل الثمن أو بالعكس ـ وإن كان وقت الأداء مصادفاً لزمان البلوغ.

ولا يصحّ منه التزويج ولا الطلاق.. نعم، يجوز حيازته المباحات، كـ: الاحتطاب ونحوه، ويكون ملكه بالنية، وكذلك يملك الجعالة وإن لم يأذن له الولي. والجعالة هي: ما يجعل له مقابل عمل معيّن، كما إذا وجد ضالةً لأحـد.

3 ـ الصغير هو: الذي لم يبلغ حـدّ البلوغ شرعاً، وهو: إكمال تسع سنين هلاليّة للأُنثى، أمّا في الذكر فيتحقّق البلوغ بأحد الأُمور الثلاثة، وهي:

الأوّل: نبات الشعر الخشـن على العانة، ولا عبرة في غير الشعر الخشـن.


الصفحة 81

الثاني: خروج المني، سواء في النوم أم اليقظة، بالاحتلام أو بالجماع أو غير ذلك.

الثالث: إكمال خمس عشرة سنة هلاليّة على المشهور.

4 ـ ترد تغيّرات على الصبيّ، كـ: نبات الشعر الخشن في الخد، أو الشارب، فهي أيضاً من علامات البلوغ، وأمّا نبات الشعر في الصدر وتحت الإبط وكذا غلظة الصوت فليس من علامات البلوغ.

5 ـ الصغير محجور عليه لا يتمكّن من التصرّف في المال، حتّى يتبيّن الرشـد منه، ولا يكفي البلوغ في عدم الحجر.

6 ـ الولاية في مال الطفل والنظر في مصالحه وشؤونه قبل بلوغه ورشـده للأب والجدّ للأب، فإذا فُقدا فللقيّم الذي ولاّه أحدهما أو أوصى إليه، وإذا فُقد الوصي فالولاية للحاكم الشرعي. وأمّا الجد للأُمّ وكذلك الأُمّ والأخ والأعمام والأخوال فلا ولاية لهم عليه، ويكون حالهم حال العدول من المؤمنين مع فقد الحاكم، فيرجـع إليهم عند فقد الحاكم الشرعي.

7 ـ لا تشترط العدالة في ولاية الأب والجدّ، ولكن متى ما ظهر للحاكم ولو بقرائن الأحوال تعدّيهما على حقوق الطفل في نفسه أو ماله منعهما.

8 ـ الأب والجدّ مشتركان في الولاية، فينفذ تصرّف السابق منهما ويلغى تصرّف اللاحق، ولو اقترنا فالأقوى بطلانهما، إلاّ في عقد النكاح فيُقدّم عقد الجدّ.

9 ـ لا فرق في الجدّ بين القريب والبعيد، فلو كان له أب وجدّ الجدّ اشتركوا كلّهم في الولاية.


الصفحة 82

10 ـ يجوز للولي المضاربة بمال الطفل وتبديله إلى البضاعة، بشرط وثاقة العامل وأمانته، فإن دفعه إلى غيره ضمِن.

11 ـ يجوز للولي تسليم الصبيّ إلى أمين يعلّمه الصنعة، أو إلى مَن يعلّمه القراءة والخطّ والحساب، والعلوم النافعة لدينه ودنياه، ويلزم عليه أن يصونه عمّا يؤدّي إلى فساد أخلاقه فضلا عما يضـرّ بعقائده.

12 ـ لو مات والد الطفل فيجوز للولي أن يجمعه مع عائلته، ويحسبه كأحدهم، فيوزّع المصارف عليهم على الرؤوس، ويُشركه معهم في المصارف التي يتشاركون فيها عادةً لا التي تنفرد بشخص دون آخر، والأُمور المشتركة، كـ: المأكل والمشرب والمسكن وما يُعدّ مشتركاً عُرفاً.

وأمّا الكسوة فلا بُدّ أن ينفرد بها ولا تؤخذ إلاّ ممّا يُصرف عليه مستقلاّ، وكذلك لو تعدّد اليتامى فيجوز لمَن يتولّى الإنفاق عليهم أن يخلطهم مع أفراد عائلته، ويوزّع المصارف على الرؤوس بما هو من قبيل المأكول والمشروب دون غيره.

13 ـ لو كان الصغير يطلب غيره مالا، جاز للولي أن يصالحه عنه ببعض المال مع المصلحة، ولا يحلّ للمتصالح باقي المال، وليس للولي إسقاطه بحال من الأحوال.

14 ـ إذا ادّعى وليّ الطفل الإنفاق عليه بالمقدار اللائق به، وأنكر بعد بلوغه أصل الإنفاق أو مقداره وكيفيّة الإنفاق فالقول قول الولي بيمينه، إلاّ إذا كان قوله مخالفاً للظاهر، ولو كان للصبيّ بيّنة فيقدّم قوله.

15 ـ لا يصحّ زواج السفيه، وهو: الذي ليس له قدرة تبعثه على حفظ ماله والاعتناء بحاله فيتلفه في غير محلّه، والذي لا يبالي بالانخداع


الصفحة 83

في المعاملة، فهو خارج عن طور العقلاء وسلوكهم، فمثل هذا الفرد لا يتزوّج إلاّ بإذن الولي، ولكنّه يتمكّن من الطلاق ويصحّ ظهاره وخلعه.

16 ـ لو احتمل الولي حصول الرشـد للصبيّ قبل البلوغ فالأحوط: أن يَختبر حاله قبله; ليسلم إليه ماله بمجرّد بلوغه لو أُنس منه الرشد، وإن ادّعى الصبيّ حصول الرشـد واحتمله الولي وجب اختبار حاله، ولا يجب الاختبار مع عدم الادّعاء.

17 ـ يثبت الرشـد ـ للرجال والنساء ـ بشهادة الرجال، ويوجد إشكال في ثبوت رشـد النساء بشهادة رجل وامرأتين، أو نساء منفردات.

 

الضمان

1 ـ الضمان هو: التعهّد بمال لشخص آخر. ويقع على نحوين:

الأوّل: نقل الدَيْن من ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن للمضمون له.

الثاني: التزام الضامن للمضمون له بأداء مال إليه، فالنتيجة هنا: وجوب الأداء عليه تكليفاً.

والفرق بين النحوين هو أنّ في الأوّل يجب الأداء على الضامن ولو مات يُخرج من تركته، وفي الثاني لا يجب الإخراج من تركته.

2 ـ يصحّ أن يضمن شخص للمرأة نفقاتها الماضية، وأمّا النفقات الآتية فلا يصحّ التعهّد بها إلاّ على النحو الثاني من الضمان، وهو: الالتزام للمضمون بأداء المال إليه، وكذلك لا يصحّ ضمان نفقة الأقارب إلاّ على هذا النحو.


الصفحة 84

 

الإقرار

1 ـ لو أقرّ شخص بزواجه من امرأة ولم تصدّقه نفذ إقراره بالنسبة إلى حرمة تزويجه من أُمّها مثلا، لكن لا يجب عليها تمكينه من نفسها; لأنّ الإقرار يثبت في ما يتعلّق بالمُقِرّ نفسـه.

2 ـ إذا كان للميت ولدان وأقرّ أحدهما بولد آخر له وأنكر الثاني ذلك، لم يثبت نسب المقِرّ به; فيأخذ المنكر ـ الثاني ـ نصف التركة ويأخذ المقِرّ ثلثها.

3 ـ إذا كانت للميت زوجة وإخوة مثلا، وأقرّت الزوجة بولد لذلك الميت، فإن صدّق الإخوة قولها كان ثُمن التركة للزوجة والباقي للولد، وإن لم يصدّقوها أخذت الإخوة ثلاثة أرباع التركة، وأخذت الزوجة ثُمنها، والباقي وهو الثُمن للمقِرّ به.

4 ـ لو مات صبيّ مجهول النسب، فأقرّ إنسان بأنّه ابن له، فيوجد إشكال(1) في استحقاق ميراثه للمقِرّ.

5 ـ لو أقرّ جميع الورثة بدَين على الميت، أو بشيء من ماله للغير كان مقبولا; لأنّه كإقرار الميت، ولو أقرّ بعضهم وأنكر بعض ـ كأن أقرّ اثنان وكانا عدلين ـ ثبت الدَين على الميت أيضاً.

الوكالة

1 ـ تصحّ الوكالة في النكاح إيجاباً وقبولا، وكذلك في الطلاق.

____________

1- احتياط وجوبي.


الصفحة 85

2 ـ يجوز أن يوكّل عنه شخصاً في الطلاق، سواء كان الزوج حاضراً أم غائباً، وكذلك يجوز توكيل الزوجة بأن تطلّق نفسه بنفسها، أو توكّل أحداً عن زوجها أو عن نفسها.

3 ـ لو زوّجه فأنكر الموكِّل الوكالة حلف وعلى الوكيل نصف المهر، وعلى الموكِّل إن كان كاذباً في إنكاره الزوجيّة طلاقها، ولو لم يفعل وقد علمت الزوجة بكذبه رفعت أمرها إلى الحاكم ليطلّقها.

 

الهِبَة

1 ـ يتمكّن الأب والجدّ أن يهب عن الصغير والمجنون إذا بلغ وهو على الجنون.

2 ـ إذا تمّت الهبة وحصل القبض; فإن كانت لذي رحم كالأب أو الأُمّ أو الولد لم يكن للواهب الرجوع في هبته، ولا تلحق الزوجة وكذلك الزوج بالرحـم.

3 ـ يستحب العطيّة للأرحام الّذين أمر الله تعالى أكيداً بصلتهم ونهى شديداً عن قطيعتهم، فقد روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) في كتاب عليّ (عليه السلام): " ثلاث لا يموت صاحبهنّ أبداً حتّى يرى وبالهن: البغي، وقطيعة الرحم، واليمين الكاذبة يبارز الله بها، وإنّ أعجل الطاعة ثواباً لصلة الرحم، وإنّ القوم ليكونوا فجّاراً فيتواصلون فتنمى أموالهم ويثرون، وأنّ اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم لتذران الديار بلاقع(1) من أهلها وتنقل الرحم; وإنّ نقل

____________

1- البلاقع: جمع بلقع، وهي: الأرض القفر التي لا شيء بها. يقال: منزل بلقع ودار بلقع. الصحاح 3: 1188 " بلقع ".


الصفحة 86

الرحم: انقطاع النسل "(1).

ولا يخفى التأكيد الوارد في كلمات أهل البيت (عليهم السلام) على صلة الوالدين وبرّهما، ومنها: ما روي عن الصادق (عليه السلام): " إنّ رجلا أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: أوصني.

قال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تشرك بالله شيئاً وإن أُحرقت بالنار وعذّبت إلاّ وقلبك مطمئنّ بالإيمان، ووالديك فأطعهما، وبِرّهما حيّين كانا أو ميّتين، وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل; فإن ذلك من الإيمان "(2).

وآكد من ذلك: ما روى في بِرّ الأُمّ وصلتها; فقد روي عن الصادق (عليه السلام) أنّه جاء رجل إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله! مَن أبرّ؟ قال: " أُمّك ". قال: ثمّ مَن؟ قال: " أُمّك ". قال: ثمّ مَن؟ قال: " أُمّك ". قال: ثمّ مَن؟ قال: " أباك "(3).

4 ـ يجوز تفضـيل بعض الأولاد على بعض في العطيّة، على كراهيّة، وربّما يحرم إذا كان سبباً لإثارة الفتنة والشحناء والبغضاء المؤدّية إلى الفساد، ولكن يكون التفضيل لبعضهم أفضل إذا كان له أولويّة موجبة لذلك.

 

الوصيّة

1 ـ يُشترط في وصيّة الصبيّ أن يبلغ عشر سنين، وتنفذ في الخيرات والمبرّات لأرحامه وأقربائه، وأمّا الغرباء فيوجد إشكال في نفوذ وصيّته

____________

1- وسائل الشيعة 21: 493 ح 1.

2- وسائل الشيعة 21: 489 ح 4.

3- وسائل الشيعة 21: 491 ح 1.


الصفحة 87

لهم، وكذلك في نفوذ وصـيّة البالغ سبع سنين في الشيء القليل، فلا بُدّ من رعاية مقتضـى الاحتياط فيهما(1).

2 ـ إذا نصّب المجتهد قيّماً على الأطفال فهل تبطل الوصية بموته أو لا؟

لا يخلو عن إشكال; فلا يُترك الاحتياط(2).

3 ـ لو أوصى وصيّةً تمليكيّة(3) لصغير من أرحامه أو من غيرهم بمال ولكنّه جعل أمره إلى غير الأب والجدّ والحاكم، فلا يصحّ هذا الجعل، بل يكون أمر ذلك المال للأب والجدّ مع وجودهما، وللحاكم مع فقدهما.

ولكن لو أوصى أن يبقى المال بيد الوصي حتّى يبلغ الصبيّ صحّ تمليكه أيَّاه، وكذا إذا أوصى أن يصرف ماله عليه من دون أن يملّكه إياه بشرط أن لا ينافي حقّيْ الحضانة والولاية.

4 ـ يجوز للأب والجدّ أن يجعلا القيمومة لفردين أو أكثر على الأطفال، وكذلك يجوز لهم أن يجعلا شخصاً مشرفاً وناظراً على القيّم.

5 ـ لو أوصى بالوصيّة العهديّة ـ وهي: تولّي أُموره بعد وفاته ـ بأن يُعطى من ماله شيء لأحفاده الّذين لم يولدوا بعد، إذا كان يتوقّع وجودهم في المستقبل، صحّت هذه الوصـية; لأنّ الوصيّة العهديّة لا يشترط فيها وجود الموصى له، فإن وجدوا في ظرف الإعطاء أُعطي لهم، وإلاّ كان ميراثاً لورثة الموصي إن لم تكن هناك قرينة على كونها من باب تعدّد

____________

1- أي: في عطيّة الصبيّ البالغ عشر سنين إذا كانت لغير أقربائه، والصبيّ البالغ سبع سنين حتّى لو كانت العطية شيئاً قليلا، سواء كانت للأقرباء أو للغرباء.

2- الاحتياط هنا: وجوبي.

3- سيأتي بيان معنى الوصـيّة التمليكيّة.


الصفحة 88

المطلوب (بأن تكون وصيّته في وجوه البرّ وكونه لأرحامه) وإلاّ صرف في ما هو الأقرب إلى نظر الموصي من وجوه البِرّ.

6 ـ يشترط في الوصيّ أن يكون بالغاً على المشهور; فلا تصحّ الوصاية إلى الصبيّ منفرداً إذا أُريد من الوصاية التصرّف في حال صباه قبل بلوغه مستقلاّ، ولكنّه لا يخلو عن إشكال، فلو أوصى إليه كذلك(1)فالأحـوط أن يكون تصرّفه بإذن الحاكم الشرعي.

7 ـ تجوز الوصاية إلى المرأة وإلى الأعمى والوارث، وإذا أوصى إلى صبيّ وبالغ فمات هذا الصبيّ قبل البلوغ، أو أنّه بلغ وهو على الجنون ففي جواز انفراد البالغ بالوصيّة قولان، أحوطهما: الرجوع إلى الحاكم الشرعي فيضمّ إلى البالغ فرداً آخر، إلاّ إذا كانت هناك قرينة على إرادة الموصي انفراد البالغ بالوصاية في هذه الصـورتين(2).

8 ـ تخـتصّ الوصـيّة التمليكيّة ـ وهي: أن يجـعل شـيئاً ممّا له من مال أو حقّ لغيره بعد وفاته ـ بأنّها تثبت بشهادة النساء منفردات، فيثبت ربع الوصـية بشهادة مسلمة عادلة، ونصفها بشهادة مسلمتين عادلتين، وثلاثة أرباعها بشهادة ثلاث مسلمات عادلات، وجميعها بشهادة أربع مسلمات عادلات مع عدم الحاجة إلى اليمين، والوصية العهديّة تثبت بشهادة عدلين من الرجال، ولا تقبل فيها شهادة النساء منفردات أو منضمّات إلى الرجال.

____________

1- أي: لو كانت الوصاية للصبيّ بتصرّفه في المال ـ حال صباه ـ منفرداً ومستقلاّ بدون إشراف شخص عاقل بالغ قادر على التصرّف وعارف بموازينه، فلا بُدّ أن يأذن الحاكم الشرعي في ذلك حتّى تكون الوصية نافذة وصحيحة.

2- أي: في صورة موت الصبي قبل بلوغه، أو: في كونه قد بلغ وهو مجنون.


الصفحة 89

 

الوقف

1 ـ يجوز للزوج أن يوصي بتحبيس ثلث بستانه على زوجته، حتّى تنتفع من وارده مدّة حياتها، بشرط أن يعود الثلث بعد وفاة الزوجة إلى ورثة الزوج(1).

2 ـ إذا وقّف على أولاده الصغار وأولاد أولاده وكانت العين الموقوفة في يده، كفى ذلك في تحقّق القبض، وأمّا إذا كانت العين في يد غير الواقف فلا بُدّ من أخذها منه ليتحقّق قبض الولي.

3 ـ يشترط في الواقف البلوغ، لكن لو أوصى الصبيّ بأن يوقّف ملكه بعد وفاته على وجوه الخير أو المبرّة لأرحامه وأقربائه وكان قد بلغ عشراً نفذت وصـيّته.

4 ـ إذا وقّف على المؤمنين اختُصّ الوقف بمَن كان مؤمناً في اعتقاد الواقف، ولا فرق في ذلك بين الرجال والنساء والأطفال، فلو كان الواقف اثني عشريّاً اختُصّ الوقف بالاثني عشريّة.

5 ـ إذا وقّف على إخوته فيشترك إخوته فيه بالسويّة، سواء كانوا إخوة للأبوين أو إخوة للأب فقط، أو الأُمّ فقط، وكذلك إذا وقّف على أجداده أو أعمامه أو أخواله، وأمّا الإخوة فلا يشمل أولادهم، وكذلك الأخوات.

6 ـ إذا وقّف شيئاً على أبنائه لم تدخل البنات في جملة الأبناء، ولكن

____________

1- الفتاوى الميسّرة: 356.


الصفحة 90

إذا وقّف على الذريّة دخل الذكر والأُنثى، والصلبي وغيره، في الوقف.

7 ـ إذا قال: (هذا وقف على أولادي ما تعاقبوا وتناسلوا)، أي: على جميع عقبهم وكلّ مَن كان من نسلهم; فيشترك الجميع في الوقف بدون تقدّم واحد على الآخر..

وأمّا إذا قال: (هذا وقف على أولادي نسلا بعد نسل)، فلا بُدّ من الترتيب; فيكون التصرّف حقّاً لمَن هو أوّل في النسل.

8 ـ الوقف حسب ما يقفه أهله; فلو جعله الواقف ترتيبيّاً فهو كذلك، فإذا جعل الترتيب بين الطبقة السابقة والطبقة اللاحقة، يراعى الأقرب فالأقرب إلى الواقف، فلا يشارك الولد أباه، ولا ابن الأخ عمّته أو عمّه، ولا ابن الأُخت خالته أو خاله.

9 ـ لو قال الواقف: (وقّفت على أولادي طبقة بعد طبقة، وإذا مات أحدهم وكان له ولد فنصيبه لولده); فلو مات وكان له أكثر من ولد قُسّم النصيب على الرؤوس، وإذا مات ولم يكن له ولد فنصيبه لمَن كان في طبقته.

10 ـ إذا قال الواقف: (هذا وقف على أولادي، فإذا انقرض أولادي وأولادهم فهو على الفقراء); فهو وقف على أولاده الّذين من صلبه وغيرهم..

ولو قال: (هذه الدار وقف على أولادي)، جاز لهم الانتفاع بها بغير السكن، كأُجرتها إلى أحد وتقسيم الأُجرة عليهم، وإذا عيّن وقف الدار بشرط السكنى فيها فلا يجوز أن يؤجّرها، وإن لم تسع لسكناهم قسّموها بينهم يوماً فيوماً أو شهراً فشهراً أو سنة فسنة.


الصفحة 91

11 ـ إذا أوقف شيئاً على إخوته نسلا بعد نسل، فيشمل الوقف الذكور والإناث، ولو عيّن الوقف على الذكور فلا يشمل الإناث.

 

الصـدقة

1 ـ وهي من الأُمور التي تواترت فيها الأحاديث، فبها ينزل الرزق، وبها يُشفى المريض، وبها يُدفع البلاء..

ويعتبر فيها: البلوغ; فيوجد إشكال(1) في صحّة الصدقة من الصبيّ البالغ عشـراً.

ولو دار الأمر بين الصدقة وبين التوسـعة على العيال، فالتوسـعة على العيال أفضـل من الصدقة.

 

*  *  *

 

____________

1- احتياط وجوبي.